أسباب نزول سورتي الفلق والناس

سورة الفلق معوذات وتحصين
تُعتبر سورة الفلق من السور المكية في القرآن الكريم، حيث تضم خمس آيات وتأتي في الترتيب قبل الأخير. تُصنف هذه السورة ضمن السور المعروفة بالمعوذات، إذ كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يقرأها كل ليلة إلى جانب سورة الناس، تاركًا سائر التعاويذ لاستمداد الحماية المفضلة من أي أذى أو سحر.
سياق النزول
نزلت سورة الفلق قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة، خصيصًا في سياق محاولات يهودي يُدعى لبيد بن الأعصم لسحره. ومع دعوة أهل قريش له بأذى الرسول عبر السحر، أرسل الله تعالى هذه السورة كوسيلة لحماية النبي، حيث جعلها سببًا في شفاءه من تلك السحر.
تأملات في الآيات
- (قل أعوذ برب الفلق) يأمر الله سبحانه وتعالى النبي بأن يستعين برب المخلوقات، حيث يُشار أحيانًا إلى الفلق كاسم يرمز إلى نور الصبح، وأحيانًا كإشارة إلى وادٍ في النار.
- (من شر ما خلق) هنا يستعين النبي بالله من أذى المخلوقات التي خلقها، متأملًا في طبيعة الشرور التي قد تصدر عنها.
- (ومن شر غاسق إذا وقب) يشير إلى ضرورة الاستعاذة من ظلمة الليل وما تحمله من مخاطر وأذى.
- (ومن شر النفاثات في العقد) يُشير إلى النمامين الذين يُفسدون العلاقات بين الناس، مشبهًا النميمة بالنفث الذي يتسبب في تفكك الروابط القوية.
- (ومن شر حاسد إذا حسد) يُعبر عن حاجة النبي للاستعاذة من عيون الحساد الذين يتمنون زوال النعم التي على الآخرين.
سورة الناس خاتمة القرآن
أما سورة الناس، فهي السورة الأخيرة في القرآن الكريم، أيضًا مكية، وتتكون من ست آيات. تُعد من السور المعروفة بالمعوذات، حيث يُذكر فضلها بشكل كبير، إذ تعتبر كافية لحماية الإنسان من شرور اليوم إذا تم قراءتها عند الصباح والمساء، إلى جانب سورة الإخلاص.
يوحي النزول بالحماية
نزلت سورة الناس في نفس السياق الذي نزلت فيه سورة الفلق، حيث جاءت لتقي النبي محمد صلى الله عليه وسلم من أذى الحساد والسحرة، ولتكون وسيلة يحصّن بها نفسه من كل من يرغب في إيذائه.
معاني الآيات
- (قل أعوذ برب الناس) يأمر الله نبيه وكل من يتعوذ أن يستعين برب الناس، إشارة إلى الربوبية.
- (ملك الناس) يُعبر عن صفة من صفات الله وهي الملكية، التي تستحق الاستعاذة.
- (إله الناس) تذكر هذه الآية صفة الألوهية لله تعالى.
- (من شر الوسواس الخناس، الذي يوسوس في صدور الناس) تحذير من الشيطان الذي يُزيّن الفواحش للناس ويدعوهم للوقوع فيها.
- (من الجنة والناس) تشير إلى شياطين الإنس والجن، مؤكدة على ضرورة الحذر من جميع أنواع الأذى.
إن سورتي الفلق والناس يجسدان معنى التحصين الروحي ويوفران للمؤمن سبل الحماية من الأشباح والأذى، مما يعكس أهمية اللجوء إلى الله في كل الأوقات.