أول من تلا القرآن بصوت عالٍ

حياة الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود
يُعد عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شمخ من أبرز الصحابة الذين لعبوا دورًا حيويًا في التاريخ الإسلامي. ينحدر نسبه من مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وُلد في مكة المكرمة، ويُعرف بلقب "ابن أم عبد". يُعتبر ابن مسعود من فقهاء الأمة الإسلامية، وهو من أوائل المهاجرين الذين شاركوا في الهجرتين الأولى والثانية. كما كان من حلفاء بني زهرة، وقد أكرمه الله بشرف تلاوة القرآن الكريم علانية.
صفاته الجسدية ومكانته
تشير الروايات إلى أن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – كان رجلًا قدير البنية، يتميز بقصر قامته ونحافته. وقد قال عنه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – "لرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من جبل أحد"، وذلك ردًا على ضحك بعض الصحابة من دقة قدميه. كانت له مكانة رفيعة عند النبي الكريم والصحابة الآخرين، حيث اعتبره رسول الله من ضمن أصدقائه النجباء الأربعة عشر.
بداية إيمانه وخدمته للنبي
عمل عبد الله بن مسعود راعيًا للغنم لدى عقبة بن أبي معيط. في أحد الأيام، جاء النبي محمد – صلى الله عليه وسلم – برفقة الصديق أبو بكر – رضي الله عنه – وطلب منه بعض اللبن، لكن ابن مسعود رفض بحكم الأمانة التي كانت لديه. طالب النبي – صلى الله عليه وسلم – غنمة لا تُدر اللبن، وعندما دعا الله، فاجأهم اللبن في الإناء، مما يدل على بركة رسالته. بعد هذه الحادثة، أسلم عبد الله بن مسعود، وكرّس نفسه لخدمة النبي، متلقياً علومه وأخلاقه.
شجاعته في مواجهة الأذى
اجتمعت مجموعة من الصحابة – رضي الله عنهم – وقررت إرسال شخص منهم ليقرأ القرآن بشكل جهري أمام قريش. اختار ابن مسعود نفسه لهذه المهمة رغم تحذيرات الصحابة له، بسبب عدم كون عشيرته قوية بما يكفي لحمايته. ومع ذلك، أصرّ على التوجه إليهم، وكان قد توكل على الله. وعندما سمع القرشيون تلاوته، تعرض للضرب الشديد، وعاد متأثراً بما لقيه من أذى، لكنه قال "ما كان أعداء الله أهون علي منهم الآن"، مما يعكس شجاعته وثباته.
وفاته وإرثه
توفي عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – في السنة الثانية والثلاثين للهجرة، في زمن الخليفة عثمان بن عفان – رضي الله عنه -، وقد تجاوز عمره الستين عامًا عند وفاته. يُذكر ابن مسعود دائمًا كأحد أعظم الصحابة الذين ساهموا في نشر الإسلام وتعاليمه.