الحكمة من مشروعية الأطعمة والأشربة بين الحلال والحرام

إعجاز القرآن من منظور علمي
إن القرآن الكريم يُعدّ من أبرز الكتب التي أثبتت إعجازها العلمي، مما جذب أنظار الكثير من غير المسلمين وجعلهم يتحولون إلى الإسلام. فقد أظهرت الأبحاث العلمية الحديثة اكتشافاتٍ مذهلة تنسجم مع آياته الكريمة، مما يدل على عظمة هذا الكتاب ويمنحنا الفخر بارتباطنا به. وفي هذا السياق، تبرز الآية الكريمة "قُل لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يُطْعِمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًۭ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِۦ ۚ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍۭ لِّمَخْصَصٍۭ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (الأنعام 145).
الدلالات العلمية للتحريم
لتفسير الحكمة من تحريم الدم، دعونا نتناول الجانب العلمي لنفهم الآثار السلبية لشرب الدم. أظهرت الدراسات العلمية أن الدم يعَدّ وسطًا خصبًا للجراثيم والسموم، إذ يقوم بنقلها داخل الجسم بهدف التخلص منها. وأيضًا يُعتبر الدم مستهلكًا للمواد الغذائية ولا يقدم أي فائدة للجسم؛ بل قد يؤدي إلى اضطرابات في عملية الهضم، حيث يتم طرد الدم من الجسم عبر القيء أو الفضلات، مسببًا تغيير لونه إلى الأسود.
أما بالنسبة للميتة، فهي تعني أي حيوان ميت أو ذبيحة لم تُذبح وفقًا للأحكام الإسلامية، وهي طريقة تتطلب ذكر اسم الله قبل الذبح، ثم تُقطَع العنق لتفريغ الدم، وذلك لما يعرف الله من مضار حصرها في هذين النوعين.
أضرار لحم الخنزير
تشير الأبحاث إلى أن لحم الخنزير يحتوي على ضعف كمية الدهون الموجودة في لحم البقر، مما يجعله ضارًا لصحة الإنسان ويُسهم في ظهور العديد من الأمراض القلبية وزيادة الكوليسترول. كما أن هذا اللحم يكون محملاً بالجراثيم والسموم، إذ إن الخنزير يعتبر حيوانًا غير طاهر يتغذى على فضلات الحيوانات الأخرى. وبالتالي، يصبح لحم الخنزير عرضة للاحتواء على الديدان مثل الدودة الشريطية، التي تشكل خطرًا على صحة البشر.
الأضرار الصحية للإفراط في تناول الكحول
في سياق آخر، ذكر الله تعالى في سورة المائدة "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (المائدة 90). من المعروف أن الكحول تؤثر سلبًا على جميع أعضاء جسم الإنسان، بدءًا من الجهاز العصبي وصولاً إلى الجهاز الهضمي. يمكن أن تؤدي إلى تلف الخلايا العصبية في الدماغ، مما قد يسفر عن مشاكل عقلية مستدامة مع الاستهلاك المستمر. كما تعتبر الكحول سببًا رئيسيًا في حدوث السكتات الدماغية.
أما من جهة الجهاز الهضمي، فإن الكحول تُسهم بشكل كبير في تسوس الأسنان وتزيد من احتمالية الإصابة بالتهاب الغدد اللعابية والالتهابات الرئوية، بالإضافة إلى إحداث التهابات في المعدة وزيادة فرص حدوث نزيف داخلي. كما تؤدي إلى مشكلات في القولون وتؤثر على وظيفة الكبد الذي يلعب دورًا محوريًا في تنظيف الجسم من السموم. ولذلك، يصبح جليًا لماذا حَرّم الله تناول الخمر، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ".