تاريخ إنشاء قناة السويس

قناة السويس رابط بين بحرين
تُعد قناة السويس واحدة من أبرز القنوات المائية في العالم، حيث تربط بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، موفرة ممرًا مائيًا حيويًا يربط مدينة بورسعيد في الشمال بمدينة السويس في الجنوب. تعتبر القناة أساسية في تسهيل حركة السفن التجارية التي تنقل البضائع بين دول أوروبا وآسيا، مما يعزز التبادل التجاري العالمي، حيث تمثل بديلاً فعالًا لطريق رأس الرجاء الصالح الذي يستهلك وقتًا وجهدًا كبيرين. إن القناة، التي تعد واحدة من أهم المشاريع الهندسية الاصطناعية في التاريخ، تعكس رؤية مصرية عميقة ورغبة في تحسين حركة الملاحة البحرية.
بدايات فكرة القناة
فكرة إنشاء قناة مائية تربط بين البحرين ليست جديدة، فقد كانت معروفة لدى المصريين القدماء. ومع ذلك، بدأت فكرة مشروع قناة السويس تأخذ طابع الجدية خصوصًا في القرن التاسع عشر كبديل لطريق رأس الرجاء الصالح، الذي كان يهيمن عليه النفوذ البريطاني. انطلقت هذه الرؤية خلال الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت في عام 1798، بحيث تم الاجتماع مع عدد من الخبراء لقياس منسوب المياه بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط. إلا أن المشروع لم يُستكمل بسبب هزيمة القوات الفرنسية في معركة أبي قير.
الإنجاز تحت حكم محمد سعيد باشا
في فترة حكم محمد سعيد باشا، شهد مشروع قناة السويس تطورًا ملحوظًا. حيث عاد الفرنسيون لطرح فكرة إنشاء القناة والحصول على ترخيص رسمي، مع توقيع عقد امتياز يستمر لمدة 99 عامًا. بدأ العمل في حفر القناة في 25 أبريل 1859، واستمر لمدة عشر سنوات بمشاركة حوالي 1.5 مليون عامل مصري. كان العمل شاقًا ومضنيًا، أسفر عن فقدان حياة 125 ألف مصري نتيجة الظروف القاسية، بما في ذلك الجوع والعطش.
إنجاز عظيم وتاريخ جديد
اختتمت أعمال الحفر في November 1869 خلال فترة حكم الخديوي إسماعيل باشا. تمتد قناة السويس على مسافة 165 كيلومترًا، بعرض 190 مترًا وعمق يبلغ 58 قدمًا. بلغت تكلفة القناة حوالي 369 مليون فرنك فرنسي. وتم افتتاح القناة في احتفال مهيب حضره العديد من القادة والزعماء العالميين، ما جعلها تُعتبر من أبرز القنوات الملاحية في العالم. استمرت القناة تحت السيطرة الفرنسية حتى تأميمها في عهد جمال عبد الناصر في القرن العشرين، الذي أعادها إلى الشعب المصري، لتصبح واحدة من المصادر الحيوية للإيرادات الاقتصادية، حيث تساهم القناة في نحو 12% من حجم التجارة العالمية، مما يحقق مكاسب كبيرة للاقتصاد المصري.