تقبيل الحجر الأسود في الرؤية المنامية

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
يُعتبر تقبيل الحجر الأسود تجسيدًا لاتباع سنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال “إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك.” رواه البخاري (1520) ومسلم (1720).
في عصرنا الحديث، قد تصبح مهمة الوصول إلى الحجر الأسود صعبة، مما يجعل رؤيته تعكس تحقيق أمنية غالية لدى الرائي. يرمز الحجر الأسود أيضًا إلى الذهاب إلى مكة المكرمة لأداء العمرة أو الحج. وقد جاء في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند قدومه إلى مكة، استلم الحجر الأسود، ثم مشى إلى يمينه رملاً ثلاث مرات، وأكمل مسيرته أربع مرات أخرى. رواه مسلم (1218).
يمكن أن يدل تقبيل الحجر الأسود أو رؤيته أيضًا على جلب البركة، نظرًا لتقبيل النبي محمد صلى الله عليه وسلم له، كما جاء في الحديث السابق. كما يرتبط الحجر الأسود بالتوبة ومغفرة الذنوب وفقًا لما ورد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال عن مسحه “إنه كفارة للخطايا.” رواه الترمذي (959) وحسنه، وصححه الحاكم (1/664).
يُفهم الحجر الأسود أيضًا كرمز لجسم الإنسان. وبالتالي، فإن رمزية الحجر قد تشير إلى حالة معينة في جسد الشخص، سواء كانت تعباً أو آذىً، مما يشير إلى القدرة على الشفاء بإذن الله. ومن الجدير بالذكر أن الحجر الأسود كان أصلاً أبيض، ولكن خطايا بني آدم محته. وإذا اشتقينا كلمة “تقلب” من كلمة “قبل”، يمكن أن توحي هذه الرمزية بتحول حال الرائي، فقد يكون الانتقال من حال سيئة إلى حال أفضل، وهذا يعتمد على الحالة الدينية للرائي.
وربما تدل رؤية الحجر أو تقبيله أيضًا على لقاء شخص عزيز أو ذو مكانة هامة في المجتمع. وفي بعض التفسيرات، يمكن أن يمثل الحجر الأسود دلالة على الزواج، حيث يكون الحجر رمزًا للزوج، وتقبيله دلالة على قبول هذا الزوج.
في القرآن الكريم، يُذكر قوله تعالى “ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة”، مما يسلط الضوء على السمت الإنساني والأهمية الروحية للحجر الأسود. وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله “إني لأعرف حجرًا بمكة، كان يسلم علي قبل أن أبعث.” (رواه جابر بن سمرة، وصححه الألباني).
ختامًا، تُشير كافة هذه الرموز والمعاني إلى الأبعاد الروحية المختلفة للحجر الأسود وأهميته في حياة المسلم. إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان، وأستغفر الله العظيم وأتوب إليه. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.