كيفية أداء صلاة القضاء

أنعم الله سبحانه وتعالى على المسلمين بأحد الأركان الأساسية للدين الإسلامي، وهو الركن الثاني الذي يتعين على كل مسلم ومسلمة أداؤه فور بلوغهم. الصلاة هي هذه العبادة الجليلة التي لا مفر منها، ولا يُقبل أي عذر لتغفيلها. في حين نجد أنفسنا قادرين على قضاء ساعات طويلة أمام شاشات التلفاز أو الهواتف الذكية، نجد الكسل يتسلل إلينا عند موعد الصلاة. فعلينا أن نتوقف ونسأل أنفسنا هل يمكننا تقديم شيء مقابل النعم الكثيرة التي أنعم الله بها علينا يجب أن نتجنب أن نكون من الذين قيل عنهم “أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات”. قد يغيب عنا في بداية حياتنا إدراك أهمية الصلاة، أو قد نفوت بعضها بسبب الانشغال، النسيان، أو الكسل. لكن هل يعني ذلك أننا نبطلها بالكامل وما وضع الصلاة الفائتة، هل لها قضاء
لقد اتفق العلماء على وجوب قضاء الصلاة الفائتة، سواء كان ذلك نتيجة نسيان أو نوم أو بسبب عذر مشروع آخر. في هذا الصدد، وردت عدة أحاديث من النبي محمد صلى الله عليه وسلم، منها قوله “من نسي صلاة أو نام عنها، فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها”. وأيضًا “من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها، فإن الله تعالى يقول “وأقم الصلاة لذكري”. وبناءً على ذلك، فإن الصلاة الفائتة تظل دينا في رقبة المسلم، ويتحتم عليه قضاؤها. فإذا تمكن الشخص من معرفة عدد صلواته الفائتة، فعليه تعويضها، أما في حال عدم تمكنه من تحديد عددها، فعليه أن يصلي قدر ما يحتمل أن يبرئ ذمته.
أما من يتعمد ترك الصلاة، فقد اتفق غالبية الفقهاء على أن حكمه مشابه لحكم من نسيها، فهو مطالب بقضائها. ومع ذلك، فإن بعض المفسرين من الشافعية يرون أن من ترك الصلاة عمدًا ليس ملزمًا بقضائها، ولا تقبل منه إن لم تُصلى في وقتها. من ناحية أخرى، يقول بعض فقهاء الإمام أحمد وغيره من التابعين إن من ترك الصلاة عمدًا يُعتبر كافرًا، وبعودته إلى الإسلام لا يُطلب منه قضاء ما فاته لأنه يعد بمثابة شخص جديد يدخل الإسلام.
فيما يتعلق بواجب الغسل من الجنابة أو غيرها، فإنه لا يجوز تأخير الغسل حتى لو لم يكن الشخص يصلي. وإذا أدى المسلم الصلاة وهو على جنابة ولم يُزلها وهو قادر على ذلك، فإنه يعد آثمًا، وتكون صلاته باطلة. قال تعالى “يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا”.
يتعين أيضًا مراعاة الترتيب بين الصلوات الخمس وصلاة الوتر، سواء كانت جميعها فائتة أو بعضها فائت والبعض الآخر في وقته. فإذا نام المسلم أو نسي صلاة، يجب عليه قضاءها أولًا قبل أداء الصلاة الحالية. فقد ورد عن جابر رضي الله عنه أنه روى أن عمر رضي الله عنه قال يوم الخندق “ما كدت أصلي العصر حتى غربت الشمس”، وذكر أنه صلى بعد الغروب ثم صلى المغرب. هذه الحالة تدل على أن الترتيب بين الصلوات إذا كان مستحبًا، لكان عمر رضي الله عنه قد أخر صلاة المغرب، التي يُكره تأخيرها.
ويقول الحطاب، وهو من علماء المالكية، إن من عليه صلوات فائتة كثيرة يجب أن يصليها في أي وقت متاح لديه من الليل أو النهار، سواء عند طلوع الشمس أو غروبها، بحسب ما يتيسر له، وما لم تصل الأمور إلى حد التفريط. لذلك، يجب على المسلم أن يجتهد في أداء ما فاته وفق قدر استطاعته.