من هو مُفسِّر القرآن الكريم

نزل القرآن الكريم على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باللغة العربية الفصحى، حيث أنها ليست لغة بسيطة، وإنما تتطلب فهماً عميقاً ومعرفة واسعة تمكن القارئ من تحليل النصوص. لذا، يتعين على القارئ والمفسر أن يكون ملماً بلغة العرب وبتعقيداتها ليتمكن من تحليل الآيات بصورة دقيقة.
في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، كانت العرب تتفاخر بفنون الأدب العربي، ومن هنا جاء القرآن الكريم ليكون تحديًا لبلاغتهم ومهارتهم. وقد منح الله سبحانه وتعالى بعض الصحابة ميزات فريدة في الحفظ والفهم، مما جعلهم أكثر قدرة على استيعاب الآيات وتفسيرها، وقد أُطلق عليهم ألقاب تعكس براعتهم، من بينها لقب “ترجمان القرآن”.
يُعتبر عبد الله بن عباس أحد أبرز الشخصيات في تاريخ القرآن الكريم، حيث أُطلق عليه لقب “حبر الأمة” و”فقيهها”. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم عنه “وإن حبر هذه الأمة لعبد الله بن عباس”.
عبد الله بن عباس هو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، وُلِد قبل الهجرة بثلاث سنوات في شعب بني هاشم، لأمه “أم الفضل” لبابة بنت الحارث الهلالية، التي هي أخت ميمونة بنت الحارث زوجة النبي صلى الله عليه وسلم. توفي النبي بينما كان عمر عبد الله بن عباس ثلاث عشرة أو خمس عشرة سنة، وقد رافق النبي لمدة ثلاثين شهراً.
كان عبد الله بن عباس يتمتع بقامة طويلة ومظهر جذاب، علاوة على أنه كان غزير العلم. كان يجيب عن الأسئلة التي تُطرح عليه بشكل مرتب، حيث يبدأ دائماً بما ورد في القرآن، يليه السنة النبوية، ثم ما ينسب إلى الصحابة، وإذا لم يوجد شيء يُعتمد عليه، يُبدي رأيه الشخصي.
من المعروف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو لعبد الله بن عباس بالعلم منذ صغره، حيث كان يربت على كتفيه ويدعو قائلاً “اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل”. وعندما توفي النبي، كانت لدى ابن عباس أكثر من 16,660 حديثاً موثقاً، رغم صغر سنه. وكان محط احترام وتقدير من كبار الصحابة أمثال أبي بكر وعثمان، وقد عُين من قبل علي بن أبي طالب والياً على البصرة. وفي عهد عثمان بن عفان، تولى إمامة الحج في السنة 35هـ، مما عزز من سمعة علمه وفهمه للدين ونزاهته في اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
توفي عبد الله بن عباس في السنة 68هـ في الطائف، وكان يبلغ من العمر 72 عاماً.