ورق البردي

ورق البردي

نبات البردى زراعته واستخداماته

ينمو نبات البردى على ضفاف نهر النيل وفي منطقة الدلتا، حيث تتواجد المستنقعات والمياه الضحلة التي لا يتجاوز عمقها 90 سنتيمترًا. يصل طول هذا النبات إلى حوالي خمسة أمتار، وتتميز جذوره بأنها رفيعة للغاية، بحيث لا يتجاوز سمكها سمك معصم اليد. كانت ثمار البردى تعتبر صالحة للأكل، سواء تناولت نيئة أو مطبوخة.

أبدع المصريون في زراعة البردى نظرًا لتعدد استخداماته. استُخدم في صناعة القوارب الصغيرة الخفيفة، مما ساعدهم في عبور نهر النيل بكل سهولة. بالإضافة إلى ذلك، كان له دور هام في إنتاج الحبال، والحصر، والسلاسل، والأكواخ الصغيرة، والنعال. كما تم الاستفادة من الجذور كوقود وأدوات مطبخ، بينما كانت رؤوس نبات البردى تُستخدم لتزيين المعابد. وأشهر استخدامات البردى في تلك الفترة كان في إنتاج الورق الذي استخدم للكتابة والرسم.

انتشار ورق البردى عبر العصور

في العصور الوسطى، انتشر استخدام ورق البردى في مصر وسوريا واليونان وإيطاليا وغيرها من الدول، حيث كان يُستخدم لرسم المخطوطات والرسومات التي تُعبر عن الحضارات عبر العصور. تعتبر مصر من أكثر الدول التي استخدمته، بل وتاجرته أيضًا، فظلت مصر محتكرة لزراعة وتصدير البردى حتى القرن التاسع عشر، عندما بدأ استخدام الورق بشكل أوسع. وقد وُجدت بعض المومياوات التي تحمل أوراقًا مصنوعة من البردى.

لم يقتصر استخدام ورق البردى على الكتابة فحسب، بل تمت الاستفادة منه أيضًا في لف الموتى، وقد تم العثور عليه في توابيت بعض المومياوات. في العهد الروماني، كان ورق البردى يُستخدم بشكل واسع في الكتب والمراسلات القانونية والعقود التجارية.

صناعة ورق البردى

تصنع الأوراق من قصب نبات البردى بطريقة فريدة. يبدأ الأمر بتقطيع القصب طوليًا، ثم تُصف قطع القصب بجانب بعضها البعض. تُعتبر القطعة التي تكون في وسط القصب الأفضل لصناعة ورق البردى. يتم تحديد عرض الورق من خلال عدد القطع المستخدمة، وعند صنع طبقات من الورق، توضع الطبقة الجديدة من قطع القصب بشكل معكوس للطبقة السفلية الأقل طولًا وسماكة.

بعد ذلك، تُنقع هذه الأوراق في مياه النيل لمدة كافية حتى تلتصق القطع معًا بفضل المادة اللدنة الموجودة في القصبات. ثم تُطرق الأوراق بلطف لزيادة رقتها، وبعد ذلك تُعرض لأشعة الشمس لتجف. يتم تمليس الأوراق باستخدام أداة ناعمة أو من العاج. تميز المصريون في فن صناعة البردى، وعند اكتشاف أي عيب فيها بعد تصنيعها، كانوا يقومون بإعادة تصنيعها من جديد لضمان جودة منتجاتهم.