من الذي قدّم عبادة الأصنام لأول مرة

رسالة الأنبياء دعوة للتوحيد
أرسل الله سبحانه وتعالى الأنبياء والرسل، سواء من عرفناهم أو لم نعرفهم، بهدف واحد هو عبادة الله وحده. ومن بين هؤلاء الأنبياء، كان إبراهيم عليه السلام، الذي وُلد في زمن لم يكن فيه من يؤمن بالله. وقد عارض قومه دعوته إلى التوحيد، باستثناء زوجته سارة ولامتنة لوط عليه السلام. لطالما كانت دعوة إبراهيم عليه السلام للتوحيد أساسًا لإعداد جيل من المؤمنين، حيث ذكر الله تعالى “وجعلها كلمة باقية في عقبه لعلهم يرجعون”، في إشارة إلى أن هذه الكلمة الباقية هي كلمة التوحيد.
انطلق إبراهيم عليه السلام، من وطنه في العراق، حاملاً رسالة التوحيد إلى منطقة الشام، حيث تزوج هناك من السيدة هاجر، والدة إسماعيل عليه السلام. بعد ذلك، استُدعي إبراهيم عليه السلام لإبعاد هاجر وابنهما إلى مكة، حيث أسس إسماعيل عليه السلام خطًا من نسل التوحيد الذي استمر لعدة قرون. ومن نسل إسماعيل، بُعث النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليكمل رسالة التوحيد.
التحول من التوحيد إلى الشرك
استمر العرب في عبادة الله بالتوحيد الذي أرساه إبراهيم عليه السلام، حتى جاء عمرو بن لحي. إذ أحدث تغييرات جذرية في الدين وأدخل عبادة الأصنام إلى شبه الجزيرة العربية. كان عمرو بن لحي من سادات مكة في الجاهلية، وعُرف بفعل الخير والحرص على الدين، رغم بعض الشوائب التي تسللت إلى هذا الدين من شرك وخرافات. ومع ذلك، كسب حب الناس وتقديرهم، مما أفضى إلى توليه الملك في مكة.
أثناء سفره إلى الشام، لفت انتباه عمرو بن لحي عبادة الأصنام والأوثان هناك، وتجاوزت انبهاره الحدود، حيث تصور أن هذه الأصنام تقربهم إلى الله. ومن ثم، عاد إلى مكة مُحضرًا معه صنمًا يدعى هبل، وقام بوضعه في جوف الكعبة، مناشدًا الناس لعبادته. وبمجرد أن استجاب له مشركو مكة، عمّت عبادة الأصنام جميع أهل الحجاز، معتبريًن أن أهل مكة هم الأحق بالاتباع.
من بين الأصنام الشهيرة التي انتشرت بعد هبل، كان مناة، والذي كان مُخصّصًا للإثنين الأوس والخزرج، وكان منصوبًا في منطقة قديد على ساحل البحر الأحمر. وكذلك اللات التي كانت خاصة بأهل الطائف، والعزى التي كانت موجودة بوادي نخلة بين الطائف ومكة.
استمر العرب في عبادة الأصنام التي أدخلها عمرو بن لحي حتى بعث الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، ليعيد إلى الناس التوحيد الذي أرساه إبراهيم عليه السلام. دعا النبي إلى نبذ الشرك وعبادة الله وحده، مبرزًا الآثار السلبية للتغييرات التي أجرها عمرو بن لحي، والتي ستؤدي به إلى عذاب عظيم في الآخرة. حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار” مما يدل على العاقبة الوخيمة التي تنتظر القائمين على تغيير دين الله.