الأسباب وراء بناء سور الصين العظيم

الأسباب وراء بناء سور الصين العظيم

المشاريع العمرانية عبر العصور

على مر العصور، تمكن الإنسان من تشييد العديد من المباني والقلاع التي تركت علامة فارقة في تاريخ البشرية. استخدم الإنسان كافة الموارد المتاحة له بهدف ترك أثرٍ شخصي وحضاري يُستفاد منه من قبل الأجيال القادمة. لم تكن تلك الموارد متاحة كما هي الحال اليوم، حيث كان يتطلب الأمر جهداً كبيراً في نقل المواد الأساسية. جلسات البناء كانت تتم غالباً من خلال نقل الحجارة على الأكتاف أو باستخدام الحيوانات، كما توضح ذلك النقوش على جدران المباني. ومن بين هذه المعالم، يُعتبر سور الصين العظيم أحد أكثر المنشآت المذهلة التي أثارت إعجاب الحضارات بسبب طوله وقوة بنائه، ما جعله واحداً من المعالم السياحية التي تستقطب ملايين الزوار سنوياً.

تاريخ البناء والهدف

تأسس سور الصين العظيم في القرن الثالث قبل الميلاد، وظل العمل قائماً عليه لعدة قرون. وقد جاء البناء كإجراء لحماية الحدود الشمالية للإمبراطورية الصينية من الاعتداءات. إذن، يمكن اعتبار هذا المشروع ذا طابع عسكري بحت، حيث يتألف من نظام دفاعي متكامل يشمل ثكنات وحصون وأبراج مراقبة، بالإضافة إلى قناة مخصصة لتصريف مياه الأمطار في قمته.

ومن المعتقدات المثيرة للدهشة التي سادت في تلك الفترة، كان الاعتقاد بأن الشياطين تسير في خطوط مستقيمة، مما دفع البناة لتصميم السور بشكل متعرج، ليكون بمثابة وسيلة لطرد تلك الكيانات الخبيثة.

اختلافات المؤرخين وخصائص الهيكل

تباينت آراء المؤرخين حول قياس طول السور بشكل دقيق، حيث اتفقت مجموعة على أن طوله يصل إلى 6700 كيلومتر، بينما رأى آخرون أنه يمكن أن يبلغ 8850 كيلومتراً. ومع الأخذ في الاعتبار الأجزاء المدمرة على مر السنين، يُقدر طول السور بحوالي 21196 كيلومتراً. أما عرضه، فيتراوح بين خمسة إلى سبعة أمتار، بينما يتراوح ارتفاعه بين خمسة إلى سبعة عشر متراً.

تختلف المواد المستخدمة في بناء السور حسب المنطقة التي يُشيد فيها. فالنطاق الذي يمر عبره السور يشمل الصحارى والوديان والجبال، حيث يمتد من البحر الأصفر شرقاً إلى صحراء غوبي غرباً. استخدم البناؤون الحجارة المحلية غير المقاومة للعوامل الجوية في المناطق الصحراوية، بينما استعملوا التراب الصلب والطوب غير المحروق في المناطق الترابية.

في عهد أسرة مينغ الحاكمة، تم استخدام الحجارة القوية والصخور الصلبة لبناء السور. ويعتبر ما تم إنجازه في تلك الفترة الأكثر كفاءة وجودة مقارنة بالعصور السابقة. وقد شهدت الإمبراطورية الصينية مرور العديد من الأسر الحاكمة، حيث اهتم البعض بصيانة وإتمام بناء السور، بينما أهمل البعض الآخر أجزاءً كبيرة منه، ما أدى إلى تدهور حالته على مر الزمن.