سبتة المدينة الساحرة

مقدمة حول مدينة سبتة
سبتة هي واحدة من المدن الإسبانية الموجودة في شمال القارة الأفريقية، وتقع في منطقة استراتيحية مقابل مضيق جبل طارق. تُعتبر مدينة سبتة عاصمتها وتبلغ مساحتها 19 كيلومتراً مربعاً. يعود اسم "سبتة" إلى الحقبة الرومانية القديمة، حيث يعني "الإخوة السبعة". وفقًا لإحصاءات عام 2011، يبلغ عدد سكان المدينة حوالي 82,376 نسمة، ويتكون مجتمعها من مزيج من المسلمين والمسيحيين، بالإضافة إلى أقلية يهودية وهندوسية.
الموقع الجغرافي
تجسد سبتة موقعاً جغرافياً فريداً، حيث تقع في أقصى شمال غرب القارة الأفريقية. تحيط بها مياه البحر الأبيض المتوسط من الجهات الشمالية والجنوبية والشرقية، بينما يحدها من جهة الغرب والجنوب المملكة المغربية. هذا الموقع المتميز جعل منها نقطة التقاء ثقافي وتجاري بين القارتين الأوروبية والأفريقية.
المناخ
تتميز مدينة سبتة بمناخ متوسطي، حيث يسود اعتدال درجات الحرارة، مع تقلبات في تساقط الأمطار. تتأثر المدينة بشكل رئيسي بعاملين هما جبل سيدي موسى، الذي يعمل كحاجز أمام الرياح الرطبة القادمة من المحيط الأطلسي، ومياه البحر الأبيض المتوسط ومضيق جبل طارق، والتي تُسهم في حدوث أمطار غزيرة ولكن غير منتظمة.
التاريخ العريق
يعود تاريخ مدينة سبتة إلى ما يقارب 250,000 سنة قبل الميلاد، حيث يُعتقد أنه كان هناك وجود بشري في تلك الفترة. في القرن السابع قبل الميلاد، احتلت المدينة من قبل الفينيقيين الذين أسسوا المدينة وسموها "أبيلا". تلتها فترة احتلال اليونانيين، وفي عام 319 قبل الميلاد انتقلت تحت حكم قرطاج، لتصبح جزءًا من مملكة نوميديا بعد الحرب البونيقية الثانية (201 قبل الميلاد).
خلال السنوات التالية، في عام 40 ميلادياً، انضمت المدينة إلى الإمبراطورية الرومانية وبقيت تحت حكمهم حتى سقطت بيد قبائل الوندال في عام 429 ميلادياً. ثم انتقلت تحت حكم الإمبراطورية الرومانية الشرقية بعد هزيمة الوندال في عام 534 ميلادياً، وعُرفت المدينة بعدها بحكم القوط الغربيين.
في عام 709 ميلادياً، دخل المسلمون المدينة، وفي عام 931 ميلادياً أصبحت تابعة للدولة الأموية في الأندلس. شهدت المدينة فترات من الانقسام إلى ممالك صغيرة تُعرف بملوك الطوائف، بعد صراعات داخلية.
أحداث تاريخية هامة
استمرت الأحداث التاريخية المتسارعة في سبتة، حيث وقعت تحت حكم طائفة مالقا في عام 1024 ميلادياً ثم تحولت إلى إمارة أمازيغية عام 1061 ميلادياً. واستولى يوسف بن تاشفين على المدينة في عام 1084 ميلادياً، ودخلها الموحدون في عام 1147 ميلادياً.
بعد سلسلة من التحولات، تعرضت المدينة للسيطرة حتى عام 1232 ميلادياً، ثم أعلنت استقلالها لفترة قصيرة قبل أن تسقط تحت سيطرة مملكة فاس في عام 1236 ميلادياً، تبعتها فترة من الحكم من قبل الحفصيين والأثافيين.
في السنوات اللاحقة، وبالتحديد عام 1295، أصبحت المدينة جزءاً من مملكة قشتالة. تناوبت السيطرة على المدينة بين مملكة فاس والأثافيين حتى عام 1415 ميلادياً، عندما احتلتها القوات البرتغالية. وفي عام 1580 ميلادياً، خضعت لإسبانيا بعد ضم البرتغال، واستمر ذلك حتى عام 1640 حينما فضل سكان المدينة البقاء تحت السيطرة الإسبانية.
التحولات السياسية
شهدت سبتة العديد من الأحداث السياسية الهامة على مر العصور. في عام 1694 ميلادياً، تعرضت المدينة لحصار من قبل السلطان مولاي إسماعيل الذي استمر حتى عام 1724 ميلادياً، وفي عام 1812 ميلادياً تحولت الحكومة الجهوية إلى مجلس دستوري.
في عام 1925 ميلادياً، أصبحت المدينة مستقلة عن مقاطعة فاس، وفي عام 1995، حصلت على نظام الحكم الذاتي، مما عزز موقعها الإداري والسياسي.