طولكرم مدينة التاريخ والتراث

مدينة طولكرم التاريخ والجغرافيا

تقع مدينة طولكرم في الجزء الغربي من فلسطين، وتحديدًا في منطقة الضفة الغربية، مما يمنحها تميزًا في طبيعة تضاريسها التي تمزج بين السهول والجبال. يُعزى اسم المدينة إلى تاريخ طويل يمتد على عدة عصور، إذ تشير الدراسات التاريخية المختلفة إلى تطورات مختلفة في تسميتها ومعناها.

أصل التسمية

تشير معظم المصادر التاريخية إلى أن الاسم الأصلي لطولكرم يعود إلى الحقبة الرومانية، حيث كانت تُعرف بــ "بيرات سوريقا"، التي تعني باللغة العربية "بئر الكرم". كما أطلق عليها العرب الكنعانيون اسم "طور كرم"، حيث يمثل "الطور" الجبال المحيطة، بينما يشير "كرم" إلى كروم العنب المتنوعة التي كانت تزرع في أراضيها. وقد استمرت المدينة تعرف بهذا الاسم حتى العصر الأموي، حيث تم تحويل الاسم لاحقًا إلى طولكرم، الذي يُستخدم حتى اليوم.

تاريخ المدينة

لا توجد معلومات دقيقة حول نشأة مدينة طولكرم، إلا أن الأدلة الأثرية تشير إلى وجودها منذ القرن الثالث الميلادي خلال الحكم الروماني في بلاد الشام. تعتبر الآثار الكنعانية الموجودة في المنطقة دلائل على تأثير العرب وأثرهم في تاريخ المدينة.

بدأت طولكرم كقرية صغيرة قبل أن تتحول إلى مدينة متكاملة، حيث شهدت ازدهارًا خلال الفترات العربية التي مرت عليها، مما أدى إلى توسع مساحتها وزيادة عدد سكانها.

الحكم العثماني

خلال الحكم العثماني، كانت طولكرم جزءًا من القضاء الإداري لمدينة نابلس، لكنها تحولت في أواخر القرن التاسع عشر إلى مدينة قائمة بذاتها، حيث استخدمها الجيش العثماني كمقر لهم. نتيجة لذلك، أصبحت المدينة مركزًا حيويًا للقرى المحيطة، واحتوت على سوق تجاري كبير وعدد من الدوائر الحكومية، وتم إنشاء محطة قطار ضمن سكة حديد الحجاز.

الاحتلال البريطاني والنزاع

مع الاحتلال البريطاني لفلسطين، تمكنت القوات البريطانية من السيطرة على طولكرم، إلا أن سكانها استطاعوا الحفاظ على استقرار المدينة، مما أدى إلى زيادة عدد السكان نتيجة هجرة القادمين من مناطق فلسطينية أخرى دُمِّرت أو مُلئت باللجوء.

في عام 1948، استولت القوات الصهيونية على جزء من المدينة، مما أدى إلى تهجير عدد من السكان. ومع ذلك، في عام 1995، عقب توقيع اتفاقيات مع السلطة الفلسطينية، انسحبت القوات المحتلة، مما أتاح للسلطة إمكانية فرض سيطرتها على أراضي طولكرم والمناطق المحيطة بها.

القرى التابعة لطولكرم

تتبع مدينة طولكرم مجموعة من القرى الكثيفة سكانياً، ومنها قرية علار التي تقع شمال شرق المدينة، في منطقة تتميز بتنوعها الجغرافي بين السهول والجبال. تأسس المجلس القروي في علار عام 1987 لإدارة شؤون القرية، حيث تضمن الخدمات التعليمية والصحية.

أيضًا، هناك قرية غصون، التي سُمّيت بهذا الاسم نظرًا لكون غالبية سكانها من المسيحيين. يجسد اسم غصون ارتباطها بالإرث الروماني وتحتوي أراضيها على أنواع متعددة من الأشجار المثمرة، بالإضافة إلى مجموعة من المرافق التعليمية والصحية.

بهذا، تُعبر مدينة طولكرم وقرائبها عن تاريخ طويل من الازدهار والتنوع الثقافي، بالإضافة إلى تأثير الأحداث التاريخية التي شكلت واقعها اليوم.